25 مايو 2011

تاريخ المقاطعة العربية لإسرائيل



عام 1920 بمدينة نابلس الفلسطينية ولدت فكرة المقاطعة العربية لإسرائيل من رحم الصراع مع اليهود، كان ذلك في مؤتمر الجمعية الإسلامية المسيحية الذي دعا فيه وجهاء فلسطين ومزارعوها إلى 'مقاطعة اليهود مقاطعة تامة'؛ وذلك ردًّ على مقاطعة اليهود لمنتجات العرب من ناحية، ولعزلهم عن المجتمع الفلسطيني من ناحية أخرى، وامتدت هذه المقاطعة وتطورت لتشمل كثيرًا من جوانب العلاقات الاقتصادية والتجارية وتشغيل اليد العاملة، إضافة إلى الامتناع عن بيع الأراضي والعقارات. 


واتخذت المقاطعة بعدًا إقليميا لأول مرة عندما أقسم مندوبون عرب من سوريا وشرق الأردن ولبنان وفلسطين في اجتماع لهم بالقدس [27/11/1929] على منع بيع الأراضي لليهود، ومقاطعة المصنوعات والمتاجر اليهودية. 




التطور الأهم في مسألة المقاطعة وقع خلال ثورة فلسطين الكبرى [1936- 1939] والتي شهدت صراعًا مسلحًا ضد الانتداب البريطاني، حيث تشكلت لجان مقاطعة في سوريا والأردن ولبنان لمنع إرسال البضائع والسلع إلى فلسطين، ما لم تكن مقترنة بموافقة اللجان القومية التي كانت تقود حركة الإضراب والعصيان العام في فلسطين؛ خوفًا من تسلل البضائع والسلع العربية إلى أيدي اليهود في فلسطين. 




وتبع ذلك عقد المؤتمر القومي العربي في 'بلودان' بسوريا عام 1937 بحضور مندوبين من سوريا والعراق والأردن ولبنان والعربية السعودية ومصر وفلسطين، والذي وسع حدود المقاطعة لتأخذ بُعدها العربي خارج فلسطين، ولتشمل -إضافة إلى مقاطعة يهود فلسطين- مقاطعة بضائع الدول الأجنبية التي تدعم مشروع الاستيطان اليهودي في فلسطين. 



ثم كان التحول الثاني في موضوع المقاطعة العربية بانتقاله من المستوى الشعبي إلى المستوى الرسمي، عندما تبنت الجامعة العربية المقاطعة، حيث قرر مجلس الجامعة في جلسته الثانية [2/12/1945] مقاطعة المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين، وشكّل لجنة دائمة للإشراف على التنفيذ، ثم تقرر تشكيل مكتب دائم لذلك، ولجان في جميع الدول العربية مهمتها العمل على متابعة سياسة المقاطعة للمنتجات اليهودية في فلسطين وتنفيذها. 



تمت صياغة الإطار القانوني والتنظيمي لمقاطعة إسرائيل بقرار من مجلس الجامعة العربية في دورته الثانية والعشرين [11/12/1954] حيث حُدّدت القواعد المنظمة للمقاطعة، ويشمل الإطار التنظيمي لمقاطعة إسرائيل، قيام مكتب رئيسي مقره دمشق، يديره مفوض عام، يعيّنه الأمين العام للجامعة العربية، ويرتبط به، مهمته تأمين الاتصال بالمكاتب المختصة بشئون المقاطعة في الدول العربية بهدف تنسيق أعمالها، واستمرار أنشطتها، وهو يرفع تقارير دورية، أو عارضة إلى الأمانة العامة عن سير المقاطعة؛ لعرضها على مجلس الجامعة، ويعاون المفوض العام مندوب عن كل دولة بصفة ضابط اتصال تعينه دولته، وللمكتب ضباط اتصال في أنحاء مختلفة من العالم. 



ويقوم في كل دولة مكتب خاص بشئون المقاطعة، توفر الدولة المعنية الأشخاص القائمين عليه وتجهيزاته الفنية للقيام بمهمته، ويكون المكتب على صلة وثيقة بالمفوض العام لمكتب المقاطعة، ويعمل تحت رعاية المفوض ووفقًا لتوجيهاته. 



وينعقد مرتين كل عام وبصفة دورية مؤتمر ضباط اتصال المكاتب الإقليمية، كما يمكن عقد اجتماعات استثنائية أو طارئة بدعوة من المفوض. 



وتحتفظ لجنة المقاطعة العربية بمشروعيتها من مختلف المواثيق والأعراف الدولية، فقد أعطى ميثاق الأمم المتحدة مشروعية للمقاطعة الاقتصادية، ومنها مقاطعة العرب لإسرائيل؛ حيث جاء في المادة 51: 'ليس في هذا الميثاق ما يُضعف أو يُنقص من الحق الطبيعي للدول -فرادى وجماعات- في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة'. وأشار الميثاق إلى حق الدول في وقف المواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية ووقف كل العلاقات الاقتصادية.. وهو ما يؤكد أن المقاطعة العربية ضد إسرائيل إجراء مشروع. 



كما أن مبادئ حرية التجارة التي أقرتها منظمة التجارة الدولية تقوم في الأساس على مبدأ 'العقد شريعة المتعاقدين'، وهذا يعني أن الدول العربية لديها الحرية في أن تضع في العقود التي تريد إبرامها مع الدول الأخرى الشروط التي تتماشى مع حقوقها ومصالحها، ومنها أن تشترط على هذه الدول عدم التعامل مع إسرائيل تجاريا أو ماليا، ويكون لهذه الدول حق القبول أو الرفض لهذه الشروط.




جهود غربية أمريكية لإجهاض المقاطعة



تعرضت وما زالت المقاطعة العربية لإسرائيل لمعارضة وضغوط من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب عمومًا بدأت منذ عدة سنوات في مساندة إسرائيل واتخاذ إجراءات للضغط على الدول العربية؛ لإلغاء هذه المقاطعة بحجة تهيئة الأجواء لمفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية وبناء جسور الثقة بين الطرفين، وعلى جانب آخر سعت هذه الدول إلى إضفاء الطابع العنصري على المقاطعة العربية لإسرائيل، والقول بأن المقاطعة ضد الشرعية الدولية وقوانين حرية التجارة العالمية، بل إن دولاً أوروبية [فرنسا] قامت بإصدار قانون في عام 1997م يرفض مبدأ المقاطعة، وبدأت هذه الدول في استخدام منظمات دولية لتفكيك عرى المقاطعة العربية لإسرائيل، ولعل أحدث مثال لذلك هو ما بدأته الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية 'ليكرا' في مايو 2000م من حملة ضارية ضد المقاطعة العربية للشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل وساعدتها في ذلك غرفة الصناعة والتجارة في فرنسا؛ وذلك بهدف إرساء قاعدة قانونية واستصدار حكم قضائي من المحاكم الفرنسية يكون سندًا ومرجعًا لإرغام الشركات الفرنسية على عدم الانصياع لإجراءات المقاطعة العربية لإسرائيل، حيث قامت هذه الرابطة بمقاضاة شركة 'المييرام' الفرنسية التي أبرمت عقدًا مع إحدى شركات دبي لتزويدها بشحنة من الأدوات المنزلية، وقامت شركة دبي بالاشتراط عليها أن تصدر شهادة تؤكد أن هذه المنتجات فرنسية، ولا تحتوى على أي مكون إسرائيلي، وهذا المثال وغيره يؤكد أن الدول الغربية تسعى جاهدة إلى إجهاض المقاطعة العربية لإسرائيل. 



لقد أصبحت المقاطعة العربية لإسرائيل رغم مشروعيتها وفاعليتها 'رهينة المحبسين': المحبس الأول: هو محبس من صنع الظروف الدولية الراهنة التي أدت إلى اتساع الثقوب في جدار المقاطعة العربية لإسرائيل والتي أثرت على فاعليتها، أما المحبس الأخير فهو من صنع العرب أنفسهم والذي جاء نتاج أنماط التنمية العربية والتوجهات الاقتصادية الخارجية للدول العربية خاصة نحو إسرائيل وأمريكا، ومن ثَم يثار هنا سؤال ألا وهو: هل تنجح المقاطعة العربية لإسرائيل في ظل الظروف الدولية الراهنة، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية العربية الراهنة، وتشابك الاقتصاديات العربية مع الاقتصاد العالمي؟ ويمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال التعرف على حقيقة تلك الظروف. 



أولاً: الظروف الدولية التي تؤثر على المقاطعة العربية لإسرائيل: 

وتتمثل أهم هذه الظروف فيما يلي: 



- انتشار النمط الدولي الجديد للإنتاج الذي يقوم على مفهوم 'تدويل الإنتاج' الذي يصعب معه تحديد منشأ السلعة بدقة حيث أصبحت أكثر من دولة تشترك في إنتاج نفس السلعة، ومن ثَم يكون هناك صعوبة في متابعة منشأ السلع الإسرائيلية والجزم بها أو تحديد المكون الإسرائيلي أو الأمريكي بها، وإن كان ذلك ليس مستحيلاً، ولكن يجب إدراك أن مقاطعة سلعة إسرائيلية أو أمريكية أو سلعة بها مكون إسرائيلي سوف تشمل مقاطعة دول أخرى مشاركة معها في الإنتاج بما فيها دول عربية تشارك إسرائيل في إنتاج بعض السلع مثل مصر والأردن؛ لوجود استثمارات إسرائيلية بتلك الدول العربية، أي أن تدويل الإنتاج أدى إلى توسيع دائرة المقاطعة وإلقاء مزيد من الجهد والأعباء على الأجهزة العربية للمقاطعة. 



- تزايد الضغوط الدولية ضد المقاطعة العربية لإسرائيل وخاصة من الدول الكبرى التي دخلت بدرجة أكبر في دائرة المقاطعة العربية لإسرائيل، وأصبحت أكثر عرضة للخسائر بسبب هذه المقاطعة في ظل تدويل الإنتاج. 



- تزايد عدد الشركات الدولية النشاط التي تعمل بإسرائيل أو لها فروع وتوكيلات بها، خاصة في مجال التكنولوجيا، وتزايد نفوذ هذه الشركات وتأثيرها على مؤسسات صناعة القرار السياسي في العالم، وهو ما يعني تزايد المصالح للدول الغربية في إسرائيل مقارنة بما كانت عليه في بداية تطبيق المقاطعة، ولذلك من المتوقع أن يكون هناك أصوات عالية من الدول الغربية التي لها مصالح في إسرائيل تعارض قرار تنشيط المقاطعة العربية في حالة اتخاذه من جانب القمة العربية. 



وهذه العوامل بلا شك تضعف قوة وفاعلية المقاطعة العربية لإسرائيل، وإن كان من الممكن التعامل معها من منطلق أنها توسع ساحة عمل المقاطعة وتجعلها أكثر حسمًا في حالة تطبيقها بحزم ودون تردد أو استثناء، وجعلها قضية أمن قومي للعرب. 



ثانيًا: الأوضاع الاقتصادية العربية التي تؤثر على مقاطعة إسرائيل: 

تتمثل هذه الأوضاع في الآتي: 



- زيادة الانفتاح الاقتصادي للدول العربية على العالم، وتزايد درجة اندماجها في الاقتصاد العالمي، وهو ما يعني أن تأثر المصالح العربية بتنشيط المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وللشركات التي تتعامل معها سيكون أكثر اتساعًا، مما كانت عليه في الماضي سواء كانت هذه المصالح متعلقة بالتجارة مع دول العالم - وبالتحديد مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي تمثل الصادرات العربية إليها نسبة 11% من الصادرات العربية الإجمالية بينما تمثل إجمالي الواردات العربية منها 12% من الإجمالي - أم كانت تلك المصالح في مجال الاستثمارات الأجنبية في الدول العربية، وبالتحديد الاستثمارات الأمريكية في الدول العربية، حيث تعتبر الولايات المتحدة هي المستثمر الأجنبي الأول في الدول العربية. 



- أنماط التنمية في العالم العربي التي خلقت وعمقت التبعية الاقتصادية للخارج، وجعلت الاقتصاديات العربية أكثر عرضة للتأثر بالتغيرات الدولية الخارجية وخاصة في مجال الغذاء، حيث تبلغ فاتورة الغذاء العربي 20 مليار دولار ممثلة 62.6% من الواردات العربية، وهو ما يعكس ضعف نسب الاكتفاء الذاتي العربي من السلع الأساسية، وهو ما يعني إمكانية استخدام هذا الضعف كسلاح ضد الدول العربية في حالة تشديد المقاطعة وتأثر الدول الغربية بها. 



- تزايد حالة التفكك العربي وضعف التنسيق في مجال المقاطعة، وتراجع العديد من الدول العربية عن تطبيق تعليمات المقاطعة تحت تأثير الضغوط الغربية عمومًا والأمريكية خصوصًا. 



ولا شك أن هذه الظروف العربية تَغُلّ يد المقاطعة العربية، وتجعلها تتحرك بتحسب خوفًا من ردود الأفعال العالمية، ومن تعطل بعض المصالح للدول العربية نفسها، ولكن يمكن القول: إن هذه الظروف الدولية والعربية رغم تأثيرها على المقاطعة العربية لإسرائيل فإنها لا تفقد هذا السلاح العربي فاعليته، ولا تجعله عديم التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي وفرص الازدهار الاقتصادي والحربي الإسرائيلي، وفي أسوأ الظروف فإنها تضع على كاهل الدول العربية مزيدًا من الجهد والأعباء لاستخدام هذا السلاح مقارنة بالماضي، ويبقى سلاح المقاطعة العربية لإسرائيل سلاح فعَّال ومهم، وتأتي أهميته من أنه يقع في المنتصف بين خيارين: 



الحرب أو السلام، فليس هناك إجماع عربي على خيار إعلان الحرب على إسرائيل، وليس هناك اقتناع إسرائيلي وتوجه حقيقي نحو السلام، ومن ثَم يبقي خيار المقاطعة العربية لإسرائيل البديل المطروح والذي سيلقى إجماعًا عربيًّا، وسيكون له نتائج ملموسة بشرط أن تأخذ الدول العربية جميعًا بمبادئ مقاطعة مشددة على إسرائيل، وتعيد النظر في توجهاتها الاقتصادية تجاه إسرائيل وأمريكا على وجه الخصوص.




خسائر إسرائيل بسبب المقاطعة 



جهاز المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل الذي أنشأته جامعة الدول العربية هو الجهاز العربي الوحيد الذي عمل بكفاءة وفاعلية منذ بدايته في عام 1951م، وحتى بدأت عملية السلام على المسار الفلسطيني في بداية التسعينيات، حيث نجح هذا الجهاز في بلورة أحكام المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل على أسس علمية مدروسة، وتمكن من أن يلحق ضررًا ملموسًا ومتراكمًا بالاقتصاد الإسرائيلي، وفي ظل عودة الانتفاضة إلى الأراضي الفلسطينية، وتصاعد لهجة العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين العزل، ارتفعت أصوات عربية تنادي بتفعيل المقاطعة العربية لإسرائيل، والتي أصابها الفتور فى ظل مفاوضات السلام العربية الإسرائيلية، والسؤال المطروح هنا: هل المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل ما زالت سلاحًا فعَّالاً بيد الدول العربية؟ وبمعنى آخر: هل اتخاذ قرار تشديد المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل من جانب القمة العربية التي ستعقد في القاهرة في 21 أكتوبر 2000م سيكون قراراً مؤثرًا في حالة اتخاذه؟! هذا ما تحاول هذه السطور أن تجيب عنه. 



لا يمكن الجزم بأن المقاطعة العربية لإسرائيل قد حققت كل أهدافها؛ وذلك لأنها لم تطبق بدرجة 100%، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن إنكار الآثار والخسائر الاقتصادية التى تكبدتها إسرائيل؛ بسبب المقاطعة العربية لها سواء كانت مقاطعة مباشرة أو غير مباشرة، وتشير بيانات المكتب الرئيسي للمقاطعة العربية فى دمشق إلى أن الخسائر التي تكبدتها إسرائيل بسبب هذه المقاطعة أخذت في التراكم بمرور الوقت، حتى بلغ إجمالي الخسائر 90 مليار دولار منذ بداية المقاطعة وحتى عام 1999م، وذلك رغم اتساع الثقوب في جدار هذه المقاطعة، والجدول التالي يوضِّح تراكم خسائر إسرائيل المباشرة بسبب المقاطعة العربية لها منذ بداية المقاطعة العربية الرسمية في عام 1945م.



حتى عام 1999 حتى عام 1983 حتى عام 1973 حتى عام 1956 الفترة

90000 45000 300 50 الخسائر بالمليون دولار
وتؤكد تطورات الأرقام في الجدول السابق على ضرورة عدم التقليل من فاعلية المقاطعة العربية لإسرائيل؛ لأنها بلا شك ضيعت على الاقتصاد الإسرائيلي فرص التقدم والازدهار بما يعادل هذه المبالغ.



الشركات العربية و دور الأجهزة



لا يمكن للتحركات الفردية والشعبية أن تعمل بفاعلية في مجال المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل بمعزل أو في ظل غياب دور فاعل الأجهزة والشركات العربية فكلاهما مدعم للآخر ومكمل له، بل إن الدور الرئيسي يقع على عاتق هذه الحكومات والأجهزة والشركات، وإذا كانت بعض الحكومات العربية في تعاملها مع المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل تأخذ في اعتبارها رد الفعل الأمريكي وتأثرها من مقاطعة السلع الإسرائيلية والأمريكية فليس من الضروري أن يكون ذلك في صيغة قرارات رسمية، وقد ضرب الملك فيصل ملك العربية السعودية في السبعينيات المثل الرائع للحكام العرب في هذا المجال حيث أكد أنه يمكن توجيه ضربات اقتصادية موجعة للاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي دون أن يكون ذلك مغلفًا بقرار رسمي للمقاطعة، فعندما قررت المملكة العربية السعودية إدخال التليفزيون في ذلك الوقت أصر الملك فيصل على استخدام المملكة للنظام الفرنسي في التليفزيون ورفض استخدام النظام الأمريكي دون أن يعلن صراحة أن ذلك مقاطعة ومعاقبة لأمريكا بسبب موقفها من القضية الفلسطينية ودعمها لإسرائيل في حروبها ضد العرب،وكان هذا القرار لطمة قوية للاقتصاد الأمريكي وصناعة التليفزيون والإلكترونيات الأمريكية حتى يومنا هذا وحتى تقوم الساعة لأن ذلك حرم أمريكا من تصدير أي جهاز تليفزيون إلى السعودية لأن نظام التليفزيون أقيم من الأساس على النظام الفرنسي، وكان ذلك مكافئة لفرنسا على مساندتها للحقوق العربية في ذلك الوقت.



وهذا المثال يعطي للحكومات العربية خيطاً هاماً في إدارة المقاطعة ضد إسرائيل وأمريكا وكل من يساند إسرائيل فإذا كانت الشعوب العربية يمكن أن تقاطع سلع وخدمات أمريكية وإسرائيلية لتحدث تأثيرًا تدريجيًا في الاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي فإن الحكومات العربية والإسلامية يمكن لها أن تكيل اللكمات للاقتصاد الأمريكي وتوجه إليه ضربات موجعة يكون تأثيرها قويًا وفعالاً ويمكن للحكومات والأجهزة الرسمية والشركات العربية أن تقوم بالآتي:



ـ عدم عقد الصفقات الكبرى مع الولايات المتحدة الأمريكية طالما أن لها بديلًا حتى ولو كانت مع دول غربية أخرى مثل صفقات شراء الطائرات المدنية وشراء الطائرات والأسلحة فيمكن للحكومات العربية والإسلامية أن تشتري طائرات الـ'آير باص' الأوروبية بدلاً من شراء البوينج الأمريكية، ويمكن شراء الطائرات والأسلحة الروسية والصينية والفرنسية والكورية وغيرها بدلاً من شراء الطائرات والأسلحة الأمريكية أو الإسرائيلية، ولأن حجم هذه الصفقات يكون بالمليارات فهي تشكل ضربات قوية للاقتصاد الأمريكي والإسرائيلي وتشعر الأمريكيين بارتباط مصالحهم بالعرب وإجبارهم على تعديل مواقفهم المتحيزة لصالح إسرائيل.



ـ عدم إدخال أي أنظمة إلكترونية أو تكنولوجية جديدة في أي مجال من المجالات تعتمد على ابتكارات أو أنظمة أمريكية أو تذكي الثقافة الأمريكية حتى تقطع الطريق على الاقتصاد الأمريكي في توريد مستلزمات هذه الأنظمة من قطع غيار وأجهزة وبرامج خاصة في مجال نظام التليفون المحمول ونظم الكمبيوتر والحاسبات الإلكترونية والنظم الإلكترونية في مجال الطب وتوزيع الكهرباء وغيرها الكثير.



ـ تدعيم العودة إلى الفكر والثقافة وأنماط الاستهلاك العربية والإسلامية ومقاطعة نظم التعليم الأمريكية وما يرتبط بها من شروط وبرامج تعليمية مثل امتحانات الـ Toefl الأمريكي الذي تشترطه بعض الجامعات العربية للالتحاق ببعض الدراسات والذي تقدمه في الغالب مراكز ثقافية أمريكية مقابل مبالغ كبيرة واستبدالها ببرامج محلية.



ـ ضرورة قيام الأجهزة الرسمية العربية وخاصة العاملة في مجال التجارة والجمارك بإصدار قوائم موحدة للسلع التي يجب مقاطعتها وتقسيم هذه السلع إلى درجات من حيث درجة تأثير مقاطعتها على الاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي وتوزيع هذه القوائم على جميع الجهات والأفراد في البلاد العربية وأن يتم ذلك سريعاً دون تأخر.



ـ ضرورة انتهاز الشركات والبنوك والتجار ورجال الأعمال العرب هذه الفرصة لسد احتياجات المواطن العربي من السلع وخاصة التي لها بديل أمريكي لتحل السلع والخدمات العربية والإسلامية محل هذه السلع والخدمات الأمريكية وأن يتم تحسين جودة السلع المحلية وكفاءة تقديم الخدمات حتى لا يكون فرق الجودة سبباً للجوء المستهلك العربي والإسلامي إلى البديل الأمريكي والإسرائيلي.



هذه مجرد أمثلة لما يمكن أن يقوم به الأجهزة والشركات العربية، وهناك الكثير من المجالات الأخرى، ويجب ألا يفهم مما سبق أننا ضد المقاطعة بدرجاتها المختلفة ولكن المقصود هنا هو ضرورة قيام هذه المقاطعة على دراسة دقيقة وأن تدار بكياسة وحنكة على المستويين الشعبي والرسمي؛ وذلك لتحقيق هدف واحد وهو وصول سهم هذه المقاطعة إلى قلب الاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي الذي يكمن في قلب التفاحة الموضوعة على رأس الاقتصاد العربي دون أن يصيب هذا السهم رأس الاقتصاد العربي بأي ضرر.



دور الشعوب في عملية المقاطعة 



في ظل غياب الضبط والتوجيه العربي الرسمي لها، فليس من المنطق في ظل تصرفات إسرائيل وفي ظل احتمالات تأثر الاقتصاديات العربية بعملية المقاطعة أن نطالب الشعوب العربية التي هبت للمقاطعة ومناصرة الشعب الفلسطيني بعدم المقاطعة أو تأجيلها حتى تقوم الأجهزة العربية الرسمية بدورها في هذا المجال؛ لأن ذلك يحرم الشعوب العربية من ممارسة حق من حقوقها كفلته لها قوانين الأمم المتحدة التجارية برفض السلع التي لا تروق لها أو تسبب لها ضرراً، ولأن عدم المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل هو إتاحة الفرصة لإسرائيل لتحويل كل قرش عربي إلى طلقة أو قنبلة لقتل أطفال العرب، ولذلك لا بد من استمرار المقاطعة، ولكن لابد من تصويب مسارها، ولأن الحكومات العربية لم تقم بدورها في تحقيق هذا التصويب فإن الأفراد عليهم أن يجتهدوا في تحقيق المعادلة الصعبة التي تجعل سهم المقاطعة يصيب قلب اقتصاد إسرائيل والدول المناصرة لها دون أن يكون لذلك آثار جانبية على المواطن العربي نفسه، ويمكن أن يتم ذلك انطلاقا من ثوابت يجب أن تتفق عليها كل الشعوب العربية وهي:



ـ المقاطعة التامة والصارمة لكل ما صنع وما زرع في إسرائيل ولكل ما حمل على السفن أو الطائرات الإسرائيلية، ويجب ألا يختلف على ذلك أي فرد عربي أو مسلم سواء كان مقيمًا في الدول العربية والإسلامية أو خارجها لأن ذلك أمر ثابت يجب أن يتفق عليه الجميع وسوف يكون في ذلك إلحاق ضرر ملموس بالاقتصاد الإسرائيلي، ويكون فيه فائدة للدول العربية والإسلامية لأنها فرصة ذهبية لوقف تغلغل إسرائيل في الاقتصاديات العربية والإسلامية وفرصة لخلع جذور الاقتصاد الإسرائيلي التي بدأت تتثبت في الأرض الاقتصادية العربية.



ـ المقاطعة التامة للعملة الإسرائيلية 'الشيكل' في الفنادق والمطاعم وشركات الصرافة وشركات الطيران، وهو ما يحد من سفر الإسرائيليين إلى الدول العربية والإسلامية ويؤثر على قيمة 'الشيكل ' ويحمي الدول العربية وشعوبها من مصائب السائح الإسرائيلي.



ـ استخدام البدائل العربية والإسلامية للسلع والخدمات الإسرائيلية والأمريكية حتى ولو كانت أقل جودة فمن الأفضل للمسافر العربي أو المسلم أن يستخدم خطوط الطيران أو البواخر العربية أو الإسلامية ومن الأفضل أن يلجأ إلى البنوك العربية والإسلامية ومن الأفضل أن ينزل في الفنادق التي تتبع رأس المال العربي والإسلامي وهكذا، وسوف يحقق ذلك ضرراً بالاقتصاد الإسرائيلي والأمريكي ويعطي فرصة للشركات والبنوك العربية والإسلامية أن تحسن جودة سلعها وخدماتها لتجتذب المواطن العربي والمسلم بعيداً عن نظيرتها الإسرائيلية أو الأمريكية.



ـ استخدام السلع والخدمات غير الإسرائيلية وغير الأمريكية حتى وإن كانت لدول أجنبية غير عربية وغير إسلامية وخاصة إذا كانت تلك الدول تناصر الحق العربي مثل فرنسا وبعض الدول الأوروبية لأن ذلك يجعل هذه الدول تزيد من دعمها للموقف العربي ويضيع فرصًا على السلع والخدمات الإسرائيلية والأمريكية.



ـ إبداء معاملة غير لائقة وازدراء لكل ما هو إسرائيلي أو أمريكي من سلع وخدمات وأفراد، ويمكن لكل فرد عربي أو مسلم أن يقوم بذلك من موقع عمله أو كمستهلك فيمكن لشركات الشحن والتفريغ للسفن في الموانئ العربية ولشركات الخدمات الأرضية في المطارات أن تؤخر تقديم خدماتها للسفن والطائرات الإسرائيلية والأمريكية لإرباك جداول هذه السفن والطائرات والتأثير على تحركاتها، أيضاً يمكن لكل مستهلك أن يقلل من اندفاعه نحو السلع والخدمات التي تحمل الطابع الأمريكي حتى ولو كانت تنتج في الدول العربية لأن ذلك سيحقق فائدة كبيرة للدول العربية والإسلامية متمثلة في تحجيم الغزو الثقافي ونمط الاستهلاك الأمريكي الذي بدأ يغزو العالم العربي والإسلامي بشراسة ويغير من الهوية العربية والإسلامية.



هذه مجرد أمثلة لما يمكن أن يقوم به المواطن العربي والمسلم في مجال المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل في ظل غياب الدور الضابط للحكومات والأجهزة الرسمية العربية، ومع ذلك لا بد أن يتكامل هذا الجهد الفردي والشعبي مع دور رسمي للحكومات والأجهزة العربية.



طبيعة المقاطعة العربية لإسرائيل



تنقسم درجات المقاطعة إلى ثلاث: 



الدرجة الأولى: تشمل مقاطعة السلع ذات شهادات المنشأ الإسرائيلي. 

الدرجة الثانية: تشمل مقاطعة الشركات الأجنبية العاملة في إسرائيل. 
الدرجة الثالثة: تشمل مقاطعة الشركات الأجنبية التي لها علاقة بالشركات الإسرائيلية. 
ويقوم المكتب الرئيسي بتنسيق العمل بينه وبين المكاتب الإقليمية، والإشراف على أجهزة المقاطعة، والتوصية بالإجراءات الواجب اتخاذها لتشديد هذه المقاطعة، ومطالبة السلطات العربية في الدول المختلفة بتنفيذ الإجراءات المطلوبة منها في هذا المجال. 
وتتم المقاطعة في عدة مجالات منها: الاستيراد والتصدير، والمناطق الجمركية الحرة، ومراقبة الأسواق المالية والمصارف، وتعاملات التجار، ومكافحة التهريب ومراقبة الحدود، ومعاقبة الشركات الأجنبية التي تعاون إسرائيل خاصة شركات الطيران والملاحة والإنتاج السينمائي. 



آثار المقاطعة العربية على إسرائيل 



لا يمكن الجزم بأن لجنة المقاطعة العربية قد حققت كل أهدافها؛ وذلك لأنها لم تستطع فرض تطبيق المقاطعة على الدول العربية بدرجة 100%، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن إنكار الآثار والخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إسرائيل؛ بسبب المقاطعة العربية لها سواء كانت مقاطعة مباشرة أو غير مباشرة، وتشير بيانات المكتب الرئيسي للمقاطعة العربية في دمشق إلى أن الخسائر التي تكبدتها إسرائيل بسبب هذه المقاطعة أخذت في التراكم بمرور الوقت، حتى بلغ إجمالي الخسائر 120 مليار دولار منذ بداية المقاطعة وحتى عام 2002، وذلك رغم اتساع الثقوب في جدار هذه المقاطعة، كما أعلنت وزارة التجارة الإسرائيلية مؤخرًا بأن المقاطعة العربية [الحظر الاقتصادي العربي] كان يكلف إسرائيل خسارة تجارية سنوية بقيمة 4 مليارات دولار، وأن رفع هذه المقاطعة سيساعد على نمو حجم التجارة الخام لها بنسبة 2% سنويا. 



تؤكد تطورات الأرقام على ضرورة عدم التقليل من فاعلية المقاطعة العربية لإسرائيل؛ لأنها بلا شك ضيعت على الاقتصاد الإسرائيلي فرص التقدم بما يعادل هذه المبالغ. 



لقد توسعت المقاطعة العربية منذ أن بدأت ببضع دول، كانت في عضوية الجامعة، فشملت كل الدول العربية، التي أصدرت تشريعات تنظم نشاط المقاطعة، ولعدد طويل من السنوات. 



بداية تشقق الجدار.. هزيمة ونصر! 



نظام المقاطعة العربية لإسرائيل شهد تبدلات سلبية، بدأ أولها مع الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان السورية المحتلة عام 1967؛ حيث فرض الاحتلال حقائق جديدة، بينها دخول مناطق تزيد مساحتها ثلاث مرات عن مساحة فلسطين تحت سيطرة إسرائيل، وهي تضم نحو مليوني نسمة من السكان العرب الذين لهم صلات وروابط مع المحيط العربي، وبينها روابط تجارية، كان لا بد من أخذها بعين الاعتبار من أجل دعم صمود السكان في وجه الاحتلال؛ وهو ما عرّض مبدأ المقاطعة في المناطق المحتلة للخرق، وقد سعت الدول العربية إلى الحد من تأثيرات ذلك على المحيط العربي، والأمر في هذا انطبق لاحقًا على الأراضي اللبنانية التي احتلتها إسرائيل في الجنوب عام 1978، ثم وسعتها شمالاً إثر الغزو الواسع وصولاً إلى بيروت عام 1982. 



وتعرضت المقاطعة العربية لإسرائيل إلى هزة أكبر مع نهاية السبعينيات، بعد أن عقدت مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل في مارس 1979 بعد نحو عامين من المفاوضات؛ وهو ما وضع حدًّا للمقاطعة المصرية الرسمية لإسرائيل، دون أن يعني ذلك أن المقاطعة المصرية في مستواها الشعبي زالت أو اختفت. 



كما كانت حرب الخليج الثانية العامل الأهم للتأثيرات السلبية على المقاطعة العربية بتأثير ثلاثة عوامل أولها: الانقسام العربي الذي قاد إلى تزايد ضعف الأنظمة العربية وتهافتها. والثاني: الحضور الأمريكي القوي والمباشر، لا سيما في منطقة الخليج، مترافقًا مع صعود الولايات المتحدة -حليفة إسرائيل والمنادية برفع المقاطعة العربية- إلى مرتبة زعامة النظام الدولي الجديد. والعامل الثالث: مبادرة مدريد في عام 1991 التي حملت العرب وإسرائيل للدخول في جولة جديدة لتسوية الصراع العربي - الإسرائيلي والقضية الفلسطينية. 



وفي كل الحالات، اعتبرت بعض الدول العربية، أن التخفيف من المقاطعة، أو إلغاءها يبين إشارات حسن النوايا العربية، بينما اعتبرت دول أخرى أن المقاطعة صارت في إطار الماضي، ليس إلا. 



المقاطعة العربية وسؤال المصير 



وقد أشار 'أحمد خزاع' المفوض العام لمكتب مقاطعة إسرائيل في كلمته أمام اجتماع اللجنة بدمشق في شهر يناير الماضي 2003 إلى أن أبرز معوقات عمل اللجنة هي الدول العربية نفسها والتي تمتنع حتى عن حضور الاجتماعات مثل مصر والأردن وموريتانيا والمغرب وقطر وسلطنة عمان. 



وقد تعرضت المقاطعة العربية لإسرائيل لمعارضة وضغوط من الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا؛ فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب عمومًا بدأت منذ عدة سنوات في مساندة إسرائيل واتخاذ إجراءات للضغط على الدول العربية؛ لإلغاء هذه المقاطعة بحجة تهيئة الأجواء لمفاوضات السلام العربية - الإسرائيلية وبناء جسور الثقة بين الطرفين، وعلى جانب آخر سعت هذه الدول إلى إضفاء الطابع العنصري على المقاطعة العربية لإسرائيل، والقول بأن المقاطعة ضد الشرعية الدولية وقوانين حرية التجارة العالمية، بل إن فرنسا قامت بإصدار قانون في عام 1997م يرفض مبدأ المقاطعة. 



وبدأت هذه الدول في استخدام منظمات دولية لتفكيك عرى المقاطعة العربية لإسرائيل، ولعل أحدث مثال لذلك هو ما بدأته الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية 'ليكرا' في مايو 2000 من حملة ضارية ضد المقاطعة العربية للشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل وساعدتها في ذلك غرفة الصناعة والتجارة في فرنسا؛ ومن ناحية أخرى توجد أوضاع اقتصادية عربية تؤثر على مقاطعة إسرائيل، أهمها زيادة الانفتاح الاقتصادي للدول العربية على العالم، وتزايد درجة اندماجها في الاقتصاد العالمي؛ وهو ما يعني أن تأثر المصالح العربية بتنشيط المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وللشركات التي تتعامل معها سيكون أكثر اتساعًا. 



ومن ثَم يثار هنا سؤال: هل تصمد لجنة المقاطعة العربية حيال ما تفعله إسرائيل في ظل الظروف الدولية الراهنة، والأوضاع الاقتصادية العربية الحالية، أم تنضم إلي طابور الأحلام العربية المهدرة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق